هل التنشئة بوعي حقاً صعب؟

Parenting book

يخبرني الكثير من المربين في أول جلسة تدريب والدي لهم، أنهم يشعرون بالضياع لأنهم يعرفون الكثير عن حساسية السنوات الأولى للطفل والأثر الذي تتركه ممارساتنا كمربين في الطفل! ”أحيانا أشعر أن الجهل نعمة“ هكذا قالت بعض الأمهات!

لماذا نشعر بصعوبة؟ 

إذا كنا نعلم أن الصراخ أو الثواب والعقاب كلها ردود فعل غير ناجحة، فلماذا نفعلها؟

لماذا يجب أن نجتهد حتى لا تصدر منا مثل ردات الفعل هذه؟ ولماذا يجب أن نهتم بجسدنا وأنفسنا ونقرأ ونتدرب حتى نحافظ على هدوئنا ونتواصل مع أطفالنا؟ أليس من المفروض أن نقوم بكل هذا فطرياً وبشكل طبيعي؟

ربما نعم ، وربما لا! ولو تحدثت عن نفسي وعن الكثير من المربين الذين التقيتهم أو دربتهم، فهذا الهدوء لا يأتي بشكل طبيعي غالباً! أعتقد أن عصر السرعة الذي نعيشه، أخبار العالم التي يملؤها التوتر، الطريقة والبيئة التي نشأنا فيها، وحتى عقليتنا وطريقة تفكيرنا لا تساعد في أن نتعامل بهدوء واتزان ومتعة مع الأطفال بشكل تلقائي. بل بالمقابل تسبب لنا الغضب والإرهاق والشعور بالانفصال، ويزيدها عدم الثقة الكافية بمنهج التنشئة الواعية عند البعض نتيجة الأسئلة التي يتلقونها من الآخرين من حولهم.

هل تشعر أن هذه الأسباب هي فعلاً مصدر التحدي الذي تعيشه؟ ماذا لو أخبرتك أنها ليست السبب الحقيقي؟ وأن السبب الحقيقي هو أننا عندما نربي بوعي، فإننا نربي أنفسنا وليس الطفل الذي أمامنا! لا يوجد شيء أسهل من أن نلوم الأطفال على ما يحدث من سلوكيات غير محببة أو أخطاء، بدلاً من أن ننظر لداخلنا ونسأل ما هو الدور الذي لعبناه كمربين فيما يحدث؟

نشعر أنها أصعب لأننا ندرك أن سلوك الطفل هو مجرد إشارة لشيء أعمق بداخله، وهذا يعني أننا نحتاج للدقة والوضوح والصبر حتى نتعرف عليه. نشعر أنها أصعب لأننا يجب أن نسيطر على أنفسنا ونتحكم في انفعالاتنا،  بدلاً من السيطرة على أطفالنا. نشعر أنها أصعب لأنها تتطلب التقييم الذاتي المستمر لأنفسنا، وهو ما لم يعتاده معظمنا سابقاً في حياته!

أنا أؤمن أن لا شيء قيّم وثمين في الحياة يأتي بسهولة، وهذا ينطبق على التنشئة الواعية أيضاً. الصعوبة التي نشعر بها اليوم كفيلة بأن تغير أجيالاً قادمة، بأن تحوّل العقاب إلى احترام، و التهديد إلى تواصل.

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *